اسباب عدم استجابة الدعاء بلحال :
الإحتمال الأول : إما أن الإجابه مؤجله في الدنيا إلى حيث الوقت المناسب الذي تثمر فيه .
الإحتمال الثاني : أو لا تستجاب في الدنيا ولكن يجازي صاحبها علها بأن يرفع عنه سوء كان مقدرا عليه .
قد لا يستجاب الدعاء لحكمه ربانيه وما أبرع قول الإمام أبي الفرج بن الجوزي في هذا المقام حيث يخاطب نفسه فيعاتبها عتابا لطيفا فيقول : ( نزلت في شده واكثرت من الدعاء اطلب الفرج والراحه وتأخرت الإجابه فنزعجت النفس وغلقت فصحت بها :ويلك تأملي أمرك أمملوكه أنتي أم مالكه ؟ أمدبره أنتي أم مدبره ؟ أما علمتي أنا الدنيا إبتلاء أختبار فإذا طلبتي أغراضك ولم تصبري على ما ينافي مرادك فأين الإبتلاء ؟ هل الإبتلاء إلا لإعراض وعكس المقاصد ففهمي معنى التكليف وقد هانى عليكي ما عز وسهل ما استصعب فلما تدبرة ما قلته سكنة بعض السكون فقلت لها : وعندي جواب ثاني وهوا أنك تقتضين الحق ( الله ) بأعراضك , ولا تقتضين نفسك بلجواب له وهذا عين الجهل وإنما كان ينبغي أن يكون الأمر بلعكس لأنكي مملوكه والمملوك العاقل يطالب نفسه بأداء حق المالك ويعلم انه لا يجب على المالك تبليغه ما يهوى فسكنة أكثر من ذالك السكون فقلت لها : وعندي جواب ثالث وهوا أنك قد استبطأت الإجابه وأنتي سددة طرفها بلمعاصي فلو قد فتحتي الطريق أسرعتي كأنك ما علمتي أن سبب الراحه التقوى أما سمعتي قوله تعالى : ( ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه ) و ( ويجعل له من أمره يسرى ) أو ما فهمتي أن العكس بلعكس ؟ أه من سكر غفلة صار أقوى من كل سكر في وجه مياه المراد يمنعها من الوصول إلى زرع الأماني فعرفت النفس أن هذا حق فأطمئنت .
فقلت : وعندي جواب رابع وهوا أنكي تطلبين ما لا تعلمين عاقبته وربما كان فيه ضررك فمثلك كمثل طفل محموم يطلب الحلوى والمدبر لكي اعلم بالصالح , وكيف وقد قال تعالى ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم ) فلما بان الصواب لنفس في هذه الاجوبه زادة طمأنيتها
فقلت لها : وعندي جواب خامس وهوا أن هذا المطلوب ينقص من أجرك ويحط من مرتبتك فمنع الحق لكي ما هذا سبيله ! عطاء منه لكي ولو أنك طلبت ما يصلح أخرتك كان اولى لكي فأولى لكي أن تفهمي ما قد شرحت فقالت : لقد سرحت في رياض ما شرحت فهمت ( من الهيمان , إذ فهمت صيد الخاطر )