يشكل الخجل عقبة مؤلمة بالنسبة للأطفال، لكن يمكن التخلص
منها عندما يكون لهذا الطفل والدان واعيان.
ونحن نجد هذا النوع من الأطفال
في كل صف، وقد يفضل الطفل الموت على أن ينطق بكلمة
أمام زملائه ومدرسيه.
وهؤلاء ينحصرون في الصغار الذين يتلعثمون أو في
أطفال يتميزون بالهدوء
والدعة ممن ليس لديهم الكثير من الأصدقاء.
وليس لديهم أي شيء يقولونه.
فالخجل هو من أكثر المشكلات التي تسبب للطفل الألم،
وإذا ما ترك الطفل دون علاج فإن الطفل مع مرور
الوقت يشعر بتفاقم الحالة حتى أنه
يصبح معادياً للمجتمع الذي يعيش فيه. وقد يتعثر
مستقبلاً في دراسته الأكاديمية أو في حياته العادية،
وقد يكره الطفل نفسه في مرحلة الطفولة المبكرة.
وقد يتراوح موقف الوالدين تجاه هذا الطفل ما بين التجاهل
إلى الإحساس بأنها حالة مرضية تعود لمشكلات نفسية.
وعادة ما يأمل الوالدان أن يتخلص ابنهما من حالة
الخجل تلك. وقد يطلب الوالدان من طفلهما أن يخرج
ويلعب مع زملائه وأن يتخلص من الانطواء على
الذات والابتعاد عن الآخرين. ويمكن أن يلوم الوالدان
نفسيهما وينفقان ثروة على الأدوية وعلى الأطباء للعثور
على علاج لحالة طفلهما.
لكن يوضح الخبراء بأن الخجل لا يشكل دائماً مشكلة فالإجهاد
والخوف من كل الأوضاع الجديدة يمثل جانباً من عملية نمو
الطفل، ولاشك فإنه حتى الأطفال الأكثر ثقة بأنفسهم
يشعرون بالإرباك أحياناً.
تقول بيليندا فار وهي طبيبة نفسية تربوية ان »الخجل أو
أي مصاعب أخرى قد تتحول إلى مشكلة تسبب ضغوطاً
على الطفل وعلى من حوله أو تتدخل تلك المشكلات في
قابليته على مواصلة حياته«. ويمكن أن يعيق الخجل
قدرة الطفل على الحب أو أن يحب أو أن يتعلم أو يلعب
أو في إنجاز نجاح أكاديمي واجتماعي. كما يمكن
أن يجعله الخجل يخسر فرصاً مهمة للاختبار والتقدم في الحياة.
مواجهة الحقائق
لعل الخطوة الأولى تجاه معالجة الخجل هي التعاطف مع الطفل
ويعرف العلماء الخجل على أنه التخلف عن
التفاعل مع المواقف الاجتماعية الطبيعية مثل
الانخراط في أجواء المدرسة، وتقول فار ان
الخجل هو الافتقار إلى الثقة في كل العالم الذي يحيط بالطفل.
وتضيف ان الخجل يمكن أن يتراوح بين الافتقار إلى الثقة والحاجة
إلى الوقت الكافي حتى يستطيع إعداد نفسه وكذلك يجد الطفل صعوبة في
التحدث مع الآخرين فور خروجه من عالمه في المنزل.
وقد يرفض التوجه
إلى المدرسة أو حضور الحفلات مثل أعياد ميلاد
أصدقائه في المدرسة. كما يعاني هذا
الطفل من مشكلة الالتصاق بوالديه وعدم الرغبة
في مبارحتهما أو الانفصال عنهما.
وتوضح مستشارة الطب النفسي التربوي آن كريستين سولتر
أن الناس يميلون إلى استخدام معانيهم الخاصة بهم للكلمات
ويشمل ذلك مفهوم الخجل. وتضيف قائلة »يحدد معنى
الخجل بأنه عدم شعور الطفل بالراحة في صحبة
الآخرين والشعور بالقلق ويمكن أن يخاف بسرعة ولكن ينبغي
أن تنطبق هذه الصفات على المواقف التي لا يتوقع فيها
الإنسان من فرد أن يمر بتجربة كل تلك العواطف«.
ويقال انه يطلق على الأطفال بين الفينة والأخرى أنهم خجولون
خاصة عندما يشعرون بالقلق كرد فعل مناسب في موقف غريب أو عندما
يشعرون بالضيق. وترى سولتر أن الخجل يصبح مشكلة
يعاني منها الطفل عندما تتحول إلى عائق يحول دون
اندماجه الاجتماعي ونموه العاطفي وقدرته على التعلم.
وتشير فيونا ما نتل الخبيرة في الطب التكميلي والبديل إلى أن
جميع الأطفال يعانون من الإحساس بالقلق إزاء أي إنسان
غريب عندما يكون عمره ما بين الـ 18 شهراً و3 سنوات
. ويتسم الخجل خلال تلك الفترة بأنه طبيعي.
المسببات والنتائج
هناك العشرات من الأسباب التي تشرح لماذا يصبح الأطفال
خجولين. بعض تلك الأسباب مفروضة على الطفل جينياً,
أما الأسباب الأخرى فهي ناجمة عن إن تأخير في عملية
التطور أو القلق وهناك بعض الصغار يكون خجلهم ناجم
عن حوادث مؤلمة مثل المرض أو التعرض للإهانة،
وهو ما يجعل الطفل يفرض على نفسه العزلة.
وتقول فار ان الأطفال المولودين حديثاً يختلفون في قدرتهم
على الاستجابة وردات الفعل على المنبهات مثل الموبايل
أو الأصوات الغريبة وهناك بعض الأطفال الذين يمكن
إثارتهم بسهولة، وهي الحالة التي يمكن أن نراها قائمة
وسط كل أفراد الأسرة أو بعضهم.
تشمل مسببات الخجل النقاط التالية:
• وراثة السمات التي تشبه الوالدين.
• توفير الحماية المبالغ فيها ووجود والدين ذوي طباع حساسة جداً.
• العزلة الاجتماعية المسؤول عنها الموقع الجغرافي
لسكن الأسرة. وتأثير الوالدين أو بسبب التقنية مثل البريد الالكتروني.
• الشعور بالحيرة الناجمة عن مرض ما أو اضطراب
مثل الإصابة بالأكزيما أو التبول اللاإرادي أو الإصابة بمرض
التخشب أو التأخر في التكلم.
• صعوبات في مراحل النمو مثل القدرة على الكلام قبيل
مرحلة ما قبل المدرسة أو عند سن البلوغ.
• التخوف من أن يظن الآخرون أنه عبيط نتيجة صعوبات في التحدث.
• الخجل المفاجئ كرد فعل على عوامل بيئية مثل الانتقال
من البيت إلى بيت آخر وفقدان الزملاء الطيبين
أو طلاق الوالدين أو حدوث وفاة في العائلة.
ويرى أحد الأطباء النفسانيين أن ذلك ينعكس على شكل
أعراض بدنية مثل احمرار الوجه أو الشعور بالغثيان
أو الرجفان أو تقطع الأنفاس أو الإصابة بالصمم
المؤقت أو البكاء. ويمكن أن يحدث أيضاً شعور
بألم في المعدة والصداع وقد يبلل الخجول فراشه.
كيف يمكنك مساعدة طفلك؟
يعد تفهم الوضعية مفتاحاً رئيسياً للمساعدة وتقوم مشاعرنا
في اللاوعي بالتأثير على الطريقة التي نستجيب فيها للخجول.
وتنصح فار والدي الخجول بأن يكونا على وعي تام
بمشاعرهما تجاه خجل طفلهما. وسيرة الطفل
حول انسجامه مع محيطه الاجتماعي. وينبغي
على الوالدين أن يزيلا كل العقبات داخل البيت
وأن يتخذا خطوات إيجابية في البيت قبل أن
يطلبا من أصحاب الخبرة والتخصص التدخل.